أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

الأضحية و القربان في الإسلام

ما هو الفرق بين الأضحية والقربان؟

لطالما ارتبطت الشعائر الدينية بتقديم القرابين، سواء في الحضارات القديمة أو في الديانات الإبراهيمية. وتُعدّ الأضحية والقربان من أهم الشعائر التي تُمارس في الإسلام، وتحمِل في طياتها دلالاتٍ إيمانية واجتماعية عميقة. ولكن، وعلى الرغم من تشابه المصطلحين في بعض الأحيان، إلا أنّ هناك فروقًا جوهرية بينهما، سنتناولها بالتفصيل في هذا المقال.


سنبدأ بتعريف كل من الأضحية و القربان، ثم نتطرق إلى دلالاتهما في الإسلام. سنسلط الضوء على أوجه التشابه والاختلاف بينهما، ونختم المقال بذكر بعض الأحكام الفقهية المتعلقة بهما.

ما هي الأضحية؟

الأضحية هي ذبح حيوان من بهيمة الأنعام (الإبل، البقر، الغنم) تقرباً إلى الله تعالى في أيام عيد الأضحى المبارك، وتحديداً من بعد صلاة العيد إلى غروب شمس آخر أيام التشريق (ثالث أيام العيد). وتُشرع الأضحية للمسلم المقتدر مالياً، وتُعدّ سنة مؤكدة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

وتتميز الأضحية بالعديد من الأحكام الفقهية، منها اشتراط بلوغ الحيوان السن المحددة، وخلوه من العيوب التي تمنع صحة الأضحية. كما يُشترط أن يتم الذبح على الطريقة الشرعية، وأن يُوزّع لحم الأضحية على الفقراء والمحتاجين، مع جواز أكل المضحي وأهل بيته من لحم أضحيته.

ما هو القربان؟

يُعرّف القربان بأنه كل ما يُقدّم إلى الله تعالى من ذبح أو غيره، بنية التقرب إليه وطلب مرضاته. ويُمكن أن يكون القربان واجباً، كما في حالة فدية الصيام عن الشيخ الكبير، أو سنة، كما في حالة العقيقة، أو تطوعاً، كما في حالة النذر.
ويختلف القربان عن الأضحية في عدة أمور، منها:
  • الوقت 📌تُقدّم الأضحية في أيام عيد الأضحى فقط، بينما يُمكن تقديم القربان في أي وقت من السنة.
  • السبب 📌تُقدّم الأضحية ابتهاجاً بعيد الأضحى وتذكيراً بقصة سيدنا إبراهيم عليه السلام، بينما يُمكن تقديم القربان لعدة أسباب مختلفة، كفكاك النذر أو الفدية أو غيرها.
  • الحكم 📌تُعدّ الأضحية سنة مؤكدة، بينما يختلف حكم القربان باختلاف سببه، فقد يكون واجباً أو سنة أو تطوعاً.

دلالات الأضحية و القربان في الإسلام

  • تحمِل الأضحية والقربان دلالاتٍ إيمانية واجتماعية عميقة في الإسلام. فالأضحية تُذكّر بقصة سيدنا إبراهيم عليه السلام واستعداده للتضحية بابنه إسماعيل عليه السلام طاعة لأمر الله تعالى، مما يعكس مدى الخضوع والاستسلام لله تعالى، كما تُعزّز الأضحية قيم التكافل الاجتماعي والتراحم بين أفراد المجتمع، حيث يُوزّع لحم الأضحية على الفقراء والمحتاجين، مما يساهم في إدخال الفرحة والسرور على قلوبهم.
  • أمّا القربان، فينظر إليه كوسيلة للتقرّب إلى الله تعالى وطلب مغفرته ورضاه. فبتقديم القربان، يُعبّر المسلم عن امتنانه لله تعالى على نعمه الكثيرة، ويُجدّد عهده بالطاعة والعبادة. كما أنّ بعض أنواع القرابين، مثل كفارة اليمين أو فدية الصيام، تُكفّر عن الذنوب والخطايا وتُطهّر النفس من الآثام.

أوجه التشابه بين الأضحية و القربان

على الرغم من الفروق الجوهرية بين الأضحية و القربان، إلا أنّ هناك بعض أوجه التشابه بينهما، منها:
  • التقرب إلى الله تعالى فكل من الأضحية والقربان يُقدّمان بنية التقرب إلى الله تعالى وطلب مرضاته.
  • الذبح فكلاهما يتضمن ذبح حيوان من بهيمة الأنعام، وإن اختلفت شروط الذبح في كل منهما.
  • الإخلاص فكلاهما يُشترط فيهما الإخلاص لله تعالى، فلا تُقبل الأضحية أو القربان إن كان الدافع إليهما الرياء أو السمعة.

أحكام فقهية مختارة

تُحيط بالأضحية والقربان العديد من الأحكام الفقهية التي تُحدد كيفية أدائهما وشروطهما. ومن أهم هذه الأحكام:
  • شروط صحة الأضحية: يجب أن تكون الأضحية من بهيمة الأنعام، وأن تبلغ السن المحددة، وأن تكون سليمة من العيوب. كما يُشترط أن يتم الذبح على الطريقة الشرعية، وفي الوقت المحدد.
  • أنواع القربان: تتنوع أنواع القربان باختلاف سبب التقديم، فمنها الواجبة كفدية الصيام عن الشيخ الكبير، ومنها المسنونة كالعقيقة، ومنها التطوعية كالنذر.
  • توزيع لحم الأضحية: يُستحبّ توزيع لحم الأضحية على ثلاثة أقسام: قسم للفقراء والمساكين، وقسم للأقارب والجيران، وقسم لأهل البيت.
  • حكم بيع لحم الأضحية: لا يجوز بيع لحم الأضحية أو جلدها أو أي جزء منها، بل يُستحبّ التصدق بها أو إهداؤها.

ختاماً، تُعدّ الأضحية والقربان من أهم الشعائر الدينية في الإسلام، وتحمل في طياتها دلالاتٍ إيمانية واجتماعية عميقة. وعلى الرغم من تشابه المصطلحين في بعض الأحيان، إلا أنّ هناك فروقًا جوهرية بينهما، من حيث وقت التقديم والسبب والحكم الفقهي. فالأضحية تُقدّم في أيام عيد الأضحى المبارك، بينما يُمكن تقديم القربان في أي وقت من السنة. وتُعدّ الأضحية سنة مؤكدة، بينما يختلف حكم القربان باختلاف سببه، فقد يكون واجباً أو سنة أو تطوعاً. وعلى المسلم أن يحرص على أداء هذه الشعائر على الوجه الصحيح، وفقاً للأحكام الفقهية المقررة، ساعياً إلى نيل رضا الله تعالى ومغفرته.
تعليقات