أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

لماذا لا يجوز صوم يوم عيد الفطر وعيد الأضحى؟

لماذا لا يجوز صوم يوم عيد الفطر وعيد الأضحى؟

يحتفل المسلمون في جميع أنحاء العالم بعيدين مباركين هما عيد الفطر وعيد الأضحى، وهما مناسبتان عظيمة تكتسيان أهمية دينية واجتماعية. ويميز هذين العيدين تحريم الصيام فيهما، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صومهما لما فيهما من شعائر الإسلام وفرحة المسلمين. فما هي الحكمة من تحريم الصيام في هذين اليومين المباركين؟ وكيف يمكن للمسلم أن يستغل هذين العيدين لتعزيز علاقته بربه و إدخال البهجة والسرور على قلبه وقلوب من حوله؟

لقد شرع الله سبحانه وتعالى الإسلام ليكون دينًا يسرًا وسهولة، بعيدًا عن التشدد والغلو. وتحريم الصيام في عيد الفطر وعيد الأضحى يأتي تجسيدًا لهذه اليسر والتيسير. ففيهما يُكرم الله عباده ويهبهم فرصة للاستمتاع بنعمة الطعام والشراب، والتواصل والتراحم فيما بينهم. يُعد صوم هذين اليومين مخالفة صريحة لأوامر النبي صلى الله عليه وسلم، وقد وردت أحاديث كثيرة تؤكد على تحريم الصيام فيهما. فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم الفطر والأضحى ". (رواه البخاري ومسلم)

حكمة تحريم الصيام

تكمن حكمة تحريم الصيام في عيد الفطر وعيد الأضحى في عدة أمور، منها:

  • إظهار الفرح والسرور: 
  • .. شرع الله هذين العيدين ليكونا أيام فرح وسرور للمسلمين، ففيهما يفرحون بنعمة الله عليهم، ويظهرون شكرهم له على إتمام فريضة الصيام في رمضان، أو أداء فريضة الحج في ذي الحجة. والصيام يتنافى مع هذه الفرحة ويُذهب بهجتها، لذا حُرم فيهما.

  • التأكيد على طاعة النبي صلى الله عليه وسلم:
  • .. إن تحريم الصيام في هذين اليومين جاء بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم، فمخالفة هذا الأمر تُعتبر مخالفة لأوامر الله عز وجل. وقد قال الله تعالى: { مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا } [الحشر: 7]

  • التفرقة بين الأعياد الإسلامية وأعياد أهل الكتاب:
  • .. اعتاد أهل الكتاب صيام أيام أعيادهم، فحرم الله علينا صيام أيام أعيادنا لنتميز عنهم ونبين أن شريعتنا قائمة على اليسر والسهولة.

  • المشاركة في شعائر العيد: 
  • .. من شعائر عيد الفطر إخراج زكاة الفطر، وفي عيد الأضحى ذبح الأضاحي وتوزيعها على الفقراء والمساكين. وهذه الشعائر لا تكتمل إلا بالإفطار، فالصيام يمنع من أدائها على الوجه الأكمل.

إن تحريم الصيام في عيد الفطر وعيد الأضحى ليس تشددًا من الإسلام، بل هو رحمة ويسر منه سبحانه وتعالى لعباده، لينعموا بأيامهم المباركة ويظهروا فرحهم وسرورهم بطاعة الله عز وجل.

استغلال أيام العيد

ينبغي على المسلم أن يستغل أيام العيد في تعزيز علاقته بربه وإدخال البهجة والسرور على قلبه وقلوب من حوله. وفيما يلي بعض الطرق التي يمكن للمسلم من خلالها استغلال أيام العيد على الوجه الأمثل:

  • التوبة إلى الله تعالى. 
  • ... يُعد التوبة إلى الله من أعظم القربات التي ينبغي على المسلم الإكثار منها في جميع الأوقات، وخصوصًا في الأوقات الفاضلة كأيام العيد، ففيها تُفتح أبواب السماء وتُستجاب الدعوات. فليحرص المسلم على التوبة الصادقة النصوحة من جميع الذنوب والمعاصي، وليستغفر ربه ويطلب منه العفو والمغفرة.

  • صلة الرحم 
  • .. من أعظم القربات التي حث عليها الإسلام صلة الرحم، ففيها بر الوالدين وصلة الأرحام وتفقد أحوالهم، وزيارتهم والجلوس معهم، وإدخال السرور على قلوبهم. فليحرص المسلم على صلة رحمه في أيام العيد، وليُشعرهم بمحبته واهتمامه بهم.

  • إدخال السرور على المسلمين 
  • .. من سمات المسلم الحق إدخاله السرور على إخوانه المسلمين، وذلك يكون بمشاركتهم أفراحهم، وتقديم الهدايا لهم، وزيارتهم، وإدخال البهجة والسرور على قلوبهم. فليحرص المسلم على تهنئة إخوانه المسلمين بالعيد، وليسعى لإدخال السرور عليهم بشتى الوسائل.

  • الإكثار من ذكر الله تعالى 
  • .. يُعد ذكر الله من أعظم العبادات التي تقرب العبد من ربه، ففيها سكينة للقلب وطمأنينة للنفس. فليحرص المسلم على الإكثار من ذكر الله في جميع الأوقات، وخصوصًا في أيام العيد، ففيها تكون القلوب أقرب إلى الله.

  • قراءة القرآن الكريم 
  • .. يُعد القرآن الكريم كلام الله تعالى، فيه هداية للبشر ونور لحياتهم. فليحرص المسلم على قراءة القرآن الكريم بتدبر وتمعن، وخصوصًا في الأوقات الفاضلة كأيام العيد، فينهل من معانيه السامية ويستلهم من آياته الكريمة.

  • الدعاء 
  • .. يُعد الدعاء من أعظم العبادات التي يتقرب بها العبد من ربه، ففيه إظهار للافتقار إلى الله تعالى، والرجاء في رحمته وجوده. فليحرص المسلم على الإكثار من الدعاء في جميع الأوقات، وخصوصًا في الأوقات الفاضلة كأيام العيد، ففيها تُفتح أبواب السماء وتُستجاب الدعوات.

  • التصدق على الفقراء والمساكين 
  • ...يُعد التصدق على الفقراء والمساكين من أعظم القربات التي حث عليها الإسلام، ففيها إغاثة للمحتاجين وإدخال للسرور على قلوبهم. فليحرص المسلم على التصدق على الفقراء والمساكين في أيام العيد، وليساهم في إدخال البهجة والسرور على قلوبهم.

باعتبار هذه الطرق، يمكن للمسلم أن يستغل أيام العيد على الوجه الأمثل، وأن يُحقق الأجر والثواب من الله عز وجل، وأن يزيد من قربه من ربه، وأن يدخل البهجة والسرور على قلبه وقلوب من حوله.

الفرق بين النهي والكراهة

هناك فرق بين النهي والكراهة في أحكام الشرع، فالنهي يدل على التحريم، أما الكراهة فتدل على عدم استحباب الفعل.
  • النهي هو طلب الكف عن الشيء على وجه الإلزام، وهو ما يدل على التحريم. فإذا نهى الله تعالى عن شيء أو نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجب على المسلم الكف عنه والابتعاد عنه، ففعله معصية لله تعالى.

  • الكراهة هي طلب الكف عن الشيء على وجه الاستحباب، وهو ما يدل على عدم استحباب الفعل. فإذا كره الله تعالى شيء أو كرهه رسول الله صلى الله عليه وسلم، استحب للمسلم الكف عنه، ولكن فعله ليس معصية لله تعالى، بل هو ترك للأفضل.

وبناءً على ذلك، فإن صيام يوم عيد الفطر وعيد الأضحى محرم شرعًا، وقد ورد النهي عنه من النبي صلى الله عليه وسلم، ففعله معصية لله تعالى. أما صيام يوم الشك، فإن صيامه مكروه وليس بمحرم، وقد ورد الكراهة عنه من النبي صلى الله عليه وسلم، فتركه أفضل، ولكن فعله ليس معصية لله تعالى.

صيام يوم الشك

يُقصد بيوم الشك اليوم الذي يشك فيه هل هو من رمضان أو من شعبان، وهذا يحدث إذا غُمَّ على الناس رؤية هلال رمضان، فلا يعرفون هل دخل الشهر أم لا.


  • وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم كراهة صيام يوم الشك، فعن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رجلاً يستطلع له هلال رمضان، فأخبره أنه رآه، فصام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر الناس بصيامه، ثم جاءه ناس من أهل البادية فأخبروه أنهم لم يروا الهلال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من صام فليُتم صومه، ومن لم يصم فليصم ثلاثين "، ثم قال: " إني قد رأيت الهلال، فلو شهد عندي رجلان عدلان لجعلته رمضان "، ثم قال: " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غُمَّ عليكم فأكمِلوا العدة ثلاثين، ولا تصوموا حتى تروه، فإن غُمَّ عليكم فاشهدوا "، قال: فأشهد عنده رجلان عدلان أنهما رأيا الهلال البارحة، فقال: " صوموا ". (رواه النسائي).
  • وقد اختلف العلماء في حكم صيام يوم الشك، فذهب بعضهم إلى كراهته، واستدلوا بالحديث السابق، وذهب بعضهم إلى جوازه، واستدلوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينهَ عنه صراحةً. والأولى للمسلم أن يجتنب صيام يوم الشك، وأن ينتظر حتى يتيقن من دخول شهر رمضان، ثم يصوم.

فضل صيام الست من شوال

  • ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فضل صيام ستة أيام من شهر شوال، فعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوال كان كصيام الدهر ". (رواه مسلم).
  • ويكمن فضل صيام الست من شوال في أنه يكون كصيام الدهر، كما جاء في الحديث، وذلك لأن الحسنة بعشر أمثالها، فشهر رمضان بعشرة أشهر، والست من شوال بشهرين، فيكون المجموع اثني عشر شهرًا، وهو تمام السنة.
  • ويُستحب صيام الست من شوال بعد عيد الفطر مباشرةً، ويمكن صيامها متفرقةً طوال شهر شوال، ولا يشترط التتابع في صيامها.

إن تحريم صيام عيد الفطر وعيد الأضحى من أحكام الإسلام التي جاءت مبنية على اليسر والسهولة، وفيها إظهار للفرح والسرور، وتأكيد على طاعة النبي صلى الله عليه وسلم، والتفرقة بين الأعياد الإسلامية وأعياد أهل الكتاب.

أسئلة شائعة حول تحريم الصيام

قد يتبادر إلى أذهان البعض بعض الأسئلة حول تحريم الصيام في عيد الفطر وعيد الأضحى، ونذكر منها ما يلي:

  • ماذا لو نوى الشخص صيام يوم العيد قبل طلوع الفجر؟  
  • .. إذا نوى الشخص صيام يوم العيد قبل طلوع الفجر، فإن نوى صيامًا واجبًا كالقضاء أو النذر، فله أن يصوم، ولا حرج عليه. أما إذا نوى صيامًا تطوعًا، فلا يجوز له أن يصوم، وعليه الإفطار.

  • ماذا لو نوى الشخص صيام يوم العيد بعد طلوع الفجر؟  
  • .. إذا نوى الشخص صيام يوم العيد بعد طلوع الفجر، فلا يجوز له أن يصوم، وعليه الإفطار. وذلك لأن النهي عن صيام يوم العيد ثابت ومؤكد، ولا يجوز مخالفته.

  • هل يجوز صيام يوم العيد إذا صادف يوم الجمعة؟  
  • .. لا يجوز صيام يوم العيد إذا صادف يوم الجمعة، فالنصوص الشرعية عامة في تحريم صيام يوم العيد، بغض النظر عن يوم الأسبوع الذي يصادفه.

  • هل يجوز صيام يوم العيد لمن عليه قضاء من رمضان؟  
  • .. لا يجوز صيام يوم العيد لمن عليه قضاء من رمضان، فلا يجوز الجمع بين صيام القضاء وصيام التطوع في يوم العيد.

  • هل يجوز صيام يوم العيد لمن نذر صيام هذا اليوم؟  
  • .. إذا نذر الشخص صيام يوم العيد، فله أن يصوم، ولا حرج عليه. وذلك لأن النذر واجب الوفاء به، ولا يجوز مخالفته.

نذكر أن الإسلام دين يسر وسهولة، فقد جاء ليُيسر على الناس أمور دينهم ودنياهم، وليس فيه حرج ولا ضيق، فليحرص المسلم على التزام أحكام الشرع، وأن يسعى إلى ما فيه الخير والصلاح له وللمسلمين جميعًا.

تعليقات